الدقائق الأخيرة
كنتُ معتادة على السفر معه كل عام لكى نحتفلُ بعيد زواجنا ،ولكن هذا العام لم يكن كعادته كان قبل ميعاد زواجنا يهتم كثيراً بكل تفاصيل أول مقابله حدثت بيننا ويُعاد تِكرارها فى كل عام ..أعتدت على ذلك منه ولكن لماذا لم يهتم هذا العام ككل مرة ؟
لماذا يبدو وجهه شاحباً وحزيناً ماذا فعلت له؟
منذ زواجنا كنتُ الهواء الذى يتنفسه والنسيم الذى يَمرُ بين خُصلات شعرة كنت الظل الذى ظلل على حياته لكى يخبئه عن أذى من حوله، كانت النظرة إلى عينيا تساوى الدنيا بما فيه ..ماذا حدث ولماذا كل هذا التغير ؟
تذكرتُ العام الماضى كيف أتقن فى إسعادى أمضينا وقتا أطول من كل عام قام بحجز غرفتنا المعتادة مدة أطول مما كنا نمكُث فيها ،كنت أشعر بسعادة تغمر قلبى ووجدانى لم تَحدُث لى من قبل .أذكر أنه كان يتفنن فى إضحاكى يحب أن يرى غمزاتى عندما أضحك، هكذا كان يُردد كل مرةٍ أضحك فيها .سماع الموسيقى الكلاسيكه المفضله له مع شرب فنجان من القهوة فى المساء والنظر إلى وأنا أشرب كوبا من اللبن كالأطفال وعندما يرانى هكذا يبدأ فى الضحك لحين الانتهاء من مشروبى المفضل .ويردد لى متزوج أجمل طفله حريصه على شرب كوباً من اللبن كل مساء وأرُد مازاحه عليه،وأنا متزوجه من رجل شديد الصرامه معتاد على شرب القهوة بجوار الشرفه كل مساء .هل جربت مرة شرب اللبن فى المساء بدل القهوة من باب التغير فاللبن مفيد يا زوجى العزيز ..يرد عليا قائلا هاا وقد بدأنا الاسطوانه الليله لكل ليله ..وكنت وقتها أضحك وأغلق إضاءة الأباجور التى يجلس بجانبها .. رجعت من تلك الذكريات وقررت أن أسافر ُ انا لعله يغير رأيه ويأتى بعد علمِه بسفرى لهناك ...حجزت تذكرة للقطار وفى الموعد المحدد كنت على باب محطه القطار ولكن الغريب أنى لم أرى أحداً موجوداً على المحطه.. فسألت نفسى هل اليوم عُطلهٍ رسميه أم أنا جئتُ إلى المحطهِ فى غير موعد ونظرتُ إلى التذكرةِ بعد أن أخرجتُها من حقيبهِ يدى للتأكد من الموعد هو نفس الموعد ولكن لماذا لايوجد غيرى؟
توجهت إلى القطار وجلستُ على الكرسى ودقائق معدودة لم أشعر بنفسى نمت مدة السفر على غير العادة ولم أشعر بتحرك القطار.ولكن حين وقف القطار مرة واحدة أستيقظتُ وقد تملكنى القلق والخوف ونظرتُ حولى أين الركاب؟
هل وصلوا لمحطاتهم وأنا نائمه؟
غريبه! لم أشعر بشيء منذ جلوسى على كرسى القطار ..نظرت بعينى خارج الشباك ولمحت المحطه التى أُريد أن أنزل بها أخذت حقيبتى وخرجت من القطار ساريه حتى وصلت للخارج ولدقائق وجدت سائق تاكسى قام بتوصيلى إلى المكان ولكن عندما ذهبت ...وجدت زوجى بداخل الغرفه ..صحت بوجهه ولأول مرة
لماذا لم تعلمنى بسفرك معك هذة المرة؟
هل تعلم كيف وصلت الى هنا لوحدى؟
هل تعلم كيف كنت أشعر وأنا ذاهبه للمحطه ولم أجد أى شخص غيرى ؟
لماذا لم تقل لى وكنا أتينا سويا
أجبنى؟؟؟
أنت لم تعد تحبنى أنت لا تريد أن تضحكنى لكى ترى غمزاتى ..وجدته على غير عادته لا يعيرنى أى اهتمام ولا يلتفت إلى فتألمت أكثر .. أطلت النظر إليه وجدته يطفئء الأباجور كما كنت أفعل وأحضر كوبا من اللبن وبدأ بشربه.قلت له :
هل تشرب اللبن الخاص بى؟
وماذا عن القهوة معشوقتك الليليه هل تركتها؟
بدأت أصرخ فى وجهه وأردد عليه أنظر إلى ماذا حدث؟
وفى تلك اللحظه . وجدت أخيه يدخل من الباب وقال له ،علمتُ أنى سأجِدُك هنا ..مرا عام فقلتُ أكيد ستسافر فى نفس الموعد فرد علي اخيه قائلا
لم أكن أعلم أن موعد لقاؤنا هو موعد فِراقُنا
ولكنها ظلت تلك الليله تبكى كالأطفال تريد أن تلعب تحت المطر وظلت تردد على مسامعى أريد اللعب تحت المطر كانت كعادتها طفله مُدلاله وأنا كأبيها لا أستطيع أن أرفض لها طلباً ويا ليتنى رفضت يومها..ظلت تضحك وتضحك وتضحك عند نزول المطر ولم أنتبه إلى وجود سيارة آتيه علينا بسرعه جنونيه وفى أقل من ثانيه أطاحت بتلك الضحكه البرئيه على الممر الآخر من الشارع .وجدتها جثه هامدة أمامى والدم غطى وجهها البرىء لم أستطع إنقاذِها!
كانت منذ دقائق تضحك وضحكتها تملاءُ المكان لم أكن أعلم أنها الدقائق الأخيرة لها وظل يحكى عن تلك الليله المشؤمه
وقتها تذكرت لماذا يحدث كل هذا لى؟
ولماذا هو حزين و لم يقم ككل عاماً بالتحضير لسفرنا؟
كان جزءا مفقودا عندى والآن علمتُ أنى قد جئت اليه من العالم الآخر ولكن لم أكن أتذكر أى شيء مما حدث حتى تلك اللحظه
كيف أشعره بوجودى وأنى أراه وأسمعه؟ أريدة أن يسمعنى ويشعر بى
وأقول له أنا مازالتُ معك ذهب جسدى نعم ولكن ظلت روحى وأنا مازلت الطفله البريئه التى لطالما أضحكتها وأسعدتها حتى أخر لحظه فى عمرها
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق لتشجعنا على الاستمرار
وشكرا